الخميس، 15 يناير 2015

واقع برامج التنمية المهنية لتدريس الرياضيات أثناء الخدمة


تعاني برامج تنمية أساليب التدريس في الوطن العربي الكثير من القصور، من الناحية الكمية والفنية؛ فيبدوا أن إسهامها محدود في تطوير التعليم. وأن أحد أهم جوانب القصور الكمية يتمثل في تباعد الفترات الزمنية لهذه البرامج وندرتها، أما نواحي القصور الكيفية فهي عديدة(فايز مينا،2006، 114).
و على مستوى المملكة العربية السعودية حدثت نقلة نوعية في تطوير مناهج الرياضيات المدرسية في ضوء الاتجاهات العالمية الحديثة وتتمثل في تكييف ومواءمة إحدى السلاسل العالمية في الرياضيات("ماجروهيل" McGraw-Hill) وقد صاحبها تطوير برامج مهنية لتنمية تدريس الرياضيات لدى المعلمين، بيد أن هذه البرنامج طالها كثير من النقد نتيجة لما صاحبها من قصور من ناحية الكيف ومن ناحية الكم أيضا. ومن أبرز نواحي القصور: اختزال مدة تنفيذ برامجها إلى ثلاثة أيام في كثير من المناطق التعليمية، وعدم تأهيل المنفذين لبرامج التنمية المهنية التأهيل الكافي، فضلًا عن اعتمادها على أسلوب التواتر في تنفيذ برامجها، حيث يتلقى بعض المشرفين دورات مختصرة مركزية ثم يعودون ليعلموا زملاءهم المشرفين، الذين يقومون بدورهم فيما بعد بتعليم معلميهم بل يستعين بعضهم بأحد المعلمين ممن لم يتلقوا التأهيل لتنفيذ هذه البرامج لتعليم زملائهم... وهكذا، كما أن هذه البرامج اقتصرت على التعريف بمكونات المنهج المطور وبعض أساليبه بصورة نظرية، و كذا بعد محتوى برامج التنمية المهنية عن محتوى المقرر ومادته العلمية وضعف تطبيقاتها العملية، و عدم احتواء هذه البرامج على أساليب تنمية التفكير عموما وتنمية الإبداع على وجه الخصوص، وعدم تضمين هذه البرامج تدريس حل المشكلة الرياضية لمعلمي المرحلة الثانوية رغم تنظيم المنهج في ضوء ذلك. وهناك عديد من المعلمين الذين لم يلتحقوا بهذه البرامج إما لبعدها عن مقر اقامتهم أو لعدم السماح لهم بالحضور من قبل مديريهم، وبالتالي لم تتح لهم فرصة الالتحاق فيما بعد نظرا لندرة اقامتها. وغير ذلك من جوانب القصور الذي شاب هذه البرنامج مما أدى إلى لجوء المعلمين إلى التدريس بالطرق العادية لعدم معرفتهم وإلماهم بهذه الأساليب، ونظراً لصعوبة تطبيق هذه المناهج المطورة و أساليبها وما تحتاجه من الوقت والجهد الكثير كما يرى بعض المعلمين؛ شعرت وزارة التربية والتعليم بحجم المشكلة وبالتالي نادت إلى عقد لقاءات للتطوير المهني لمشروع تطوير الرياضيات والعلوم الطبيعية وكان من أبرز توصيات اللقاء الأول للتطوير المهني لمشروع الرياضيات و العلوم الطبيعية ما يلي: أهمية الإفادة من جهود وخدمات المجتمع المحلي والمؤسسات الأهلية والجامعات لتوسيع المشاركة في دعم البيئات المدرسية والتطوير المهني للمعلمين والمعلمات مع التأكيد على تشجيع المعلمين والمعلمات على التواصل المهني وتبادل الخبرات التربوية، والتأكيد على اهتمام البرامج المهنية بالجانب التطبيقي والرياضيات والإبداع في استخدام التجارب البديلة من قبل المعلمين والطلاب لتعميق فهم المادة العلمية، كما تم التأكيد على بناء حقائب وبرامج تعنى بتنمية معارف وقدرات الطالب في التفكير وتنمية الاتجاهات العلمية، والعمل على الإفادة من تطبيقات الإنترنت المتعددة والمعامل الافتراضية في التدريس وبرامج تنمية التدريس، وتوظيف التقنية بصورة فاعلة في مجال تعليم وتعلم الرياضيات والإفادة من الخبرات المختلفة في ذلك(اللقاء الأول للتطوير المهني لمشروع الرياضيات والعلوم الطبيعية، 2011).
ويمكن تلافي أهم أوجه القصور في برامج تنمية التدريس عموما بالمقترحات الآتية: أن يتم اختيار موضوعات البرامج في ضوء دراسة احتياجات المشاركين فيها، وأن يقلل الاعتماد على المحاضرات إلى الحد الأدنى(ويتم الاعتماد على ورش العمل والعصف الذهني)، وأن يتم التنسيق بين القائمين بالتعليم في هذه البرامج (وعمل سيناريو يتضمن العناصر الأساسية لسير البرنامج)، وأن يتم متابعة أثرها للمشاركين ميدانيا بعد انتهاء البرامج، والتعامل الجاد مع المشكلات المادية والإدارية التي كثيرا ما تعوق تحقيق أهداف البرنامج (فايز مراد مينا،2006، 114: 115).
ومما تقدم يتضح ندرة و ضعف برامج التنمية المهنية أثناء الخدمة، وبالتالي الحاجة الماسة إلى تطوير برامج التنمية المهنية للمعلمين أثناء الخدمة عموما. و أهمية تنمية تدريس حل المشكلة الرياضية لمعلمي الرياضيات على وجه الخصوص؛ بوصفها أهم الأساليب التي ترتكز عليها مناهج الرياضيات الحديثة أثناء تعليم وتعلم الطلاب، واستخدام أساليب غير تقليدية لتحقيق ذلك بما يكفل التغلب على المعوقات المذكورة سابقًا، كالإفادة من مستحدثات تكنولوجيا التعليم والتعلم الإلكتروني.
مقالة للدكتور محمد بن أحمد مطهر آل المطهر مستلة من رسالة الدكتوراة في التنمية المهنية الإلكترونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق